زمانكم- أحمد أبو خليل
توفي في الثامن والعشرين من شباط 2020 بطرس الحمارنة عن 95 عاماً..
كان المرحوم قد نشر مذكراته عام 2000 بعنوان “زراع الحياة.. تاملات عسكري أردني”.
أعدت قراءتها بعد أن علمت بوفاته، هي مذكرات هادئة لكنها تشكل مقطعا استثنائيا في حياة البلد وتحوي تفاصيل لا تتكرر في سيرة اعتيادية.
من الولادة في مأدبا عام 1925، ثم الرحيل فورا مع الوالدة إلى فلسطين، حيث يمضي طفولته وفتوته ودراسته هناك، فالعودة إلى مادبا “تهريبا” ليحصل على الجنسية الأردنية، ثم يعود إلى فلسطين، ليكتشف رغبته في العمل العسكري والجندية، فيرفض كلوب قبوله في الجيش، ومع اقتراب حرب 1948 يحاول الالتحاق متطوعا مع المقاتلين الفلسطينين فلم يوفق، ولكنه بعدها يتمكن عن طريق الضابط مصطفى الخصاونة من الالتحاق مؤقتا بالجيش كمترجم، غير انه يتعلم فنون القتال، ويشارك فيه فعلاً، وبعد الهزيمة، يتقدم باستقالته، مع نية بالهجرة إلى تشيلي حيث ينتظره أقاربه، ولكن جلسة دافئة ودية مع مصطفى الخصاونة دار فيها حديث عن الوطن وحاجته إلى أبنائه في تلك الظروف الصعبة، يقرر البقاء في الجيش. الذي يستمر فيه حتى مطلع عام 1967.
عند اندلاع حرب حزيران يتصل عارضا استعداده للخدمة في الجيش مجددا، ثم ينظم في مادبا مجموعات لحماية المدينة في حالة تفاقم الأوضاع، وبعد بدء النشاط الفدائي يحاول ويطرح فكرته حول مقاومة بالتنسيق مع الجيش، ويبدي استعداده للمساهمة الشخصية في ذلك.
منذ شبابه، يتأثر بأفكار الحزب القومي الاجتماعي السوري، ويستمر تواصله وإعجابه بأفكار الحزب حتى كتابة المذكرات.
السيرة مكتظة بالمشاهد والمواقف الإنسانية والمفارقات.
تشكل المذكرات دليلا على أن لدينا بلدا جميلا وأليفا وودودا ومهذبا. وتشكل سيرة بطرس الحمارنة لوحة جميلة من لوحاته. له الرحمة.
ملاحظة: جميع الصور من كتاب مذكرات المرحوم “زراع الحياة.. تأملات عسكري أردني”/ دار سندباد/ 2000م