زمانكم–
غاية مثل هذا السور أن يدوم لزمن طويل، وإلا فإنه على الأرجح سيكون سوراً من صنف “حجر عالْحِلْ” أو “حجر حاف”، أي بلا طين.
الأمر هنا مختلف تماماً، فسور أو “سنسلة” الحجر وطين، تحتاج لمعلم ماهر في الصنعة؛ “بنّى حجر شاطر”، مع معاونين، اثنين على الأقل؛ واحد لمناولة الطين والثاني لمناولة الحجر و”الصّرارْ” (الصّرار، ومفردها صَرارَة، هي الحجر الصغير بحجم كفة اليد أو أقل). وقد يقوم أحد الأطفال بمهمة مناولة الصّرار هذه، فيصبح المعاونون ثلاثة. وفي كثير من الحالات يكون ، مناول الطين امرأة، وهي عادة من يحضر “الجبلة”، أي مزيج التراب والماء والتبن، ووظيفة هذا الأخير تسليح (تماسك) الطين عندما يجف.
أكثر مراحل البناء جمالاً وانسياباً، تكون بعد أن ينتهي البنّاء من المتر الأول ارتفاعاً. حينها يعتلي السور، ويبدأ النداء على معاونيه: “هات حْجار.. هات صَرار.. هاتوا طين”، وذلك حسب احتياجه، وتأخذ المناداة شكلاً موسيقياً: “هات حجار.. هات صرار.. هات صرار.. هاتوا طين.. هاتوا طين.. هاتوا طين.. هات حجار.. هاتوا طين.. هاتوا طين.. هات حجار”.
معلم البناء الماهر هو من يقوم بهذا النداء من دون أن ينظر إلى المعاونين، ويكتفي بمد يده، حينها يكون الجميع قد دخلوا بانسجام في موسيقى العمار.