أحمد أبو خليل
منذ أن اخترع الميزان الالكتروني وشاع انتشاره، لم يعد مفهوم “ميزان القوى” صالحاً للاستخدام في كثير من حالات التحليل السياسي، وخاصة في القضايا التي لا تعتبر فيها الموازين عنصراً وحيداً.
مفهوم “ميزان القوى”، يشترط وجود كفتين تتنافسان وتتبارزان فيما تحتويانه أو تحملانه؛ كل منهما تسعى لأن تتغلب على الأخرى. لكن الميزان الالكتروني الجديد بلا كفّات مطلقاً، وربما من قبيل التبسيط نقول إن لديه كفة واحدة، وإذا أردت أن تعرف حجم ووزن ما لديك، فعليك أن تزنه لوحده.
في كل مواجهة مع العدو الصهيوني، يسارع جماعة “موازين القوى” إلى إخراج موازينهم ليقولوا بسرعة إنه “الكفة” تميل لصالح الاسرائيلي، ثم يستنتجون أن علينا (في الجانب العربي)، أن نخفي ما لدينا خجلاً، فهو لا يستحق أن يوضع مقابل ما في الكفة الاسرائيلية.
حصل ذلك منذ بداية الصراع قبل أكثر من ستين عاماً، ولكنه يحصل بشكل مكثف في المواجهات “المعاصرة”، في لبنان مع حزب الله، وفي فلسطين ومع غزة خصيصاً، وهو يحصل هذه الأيام في غزة مرة جديدة.
ميزان القوى ذو الكفتين، ميزان “أهبل” وسطحي وغبي! فهل يجوز مثلاً أن تضع الشجاعة والمبادئ والعقائد والحق والكرامة ومنحى التاريخ… في كفة، مقابل دبابة وطائرة في الكفة الأخرى؟ إن الميزان ذو الكفتين يفعلها بغباء، لكن الميزان الالكتروني يقيس كل مكون لوحده ويعطيه قيمته الخاصة.
لكن ما بالنا في موقع مختص بالماضي ندين عنصراً من الماضي ونمتدح آخر معاصراً؟
حسناً، ما رأيكم بمفهوم “قبّان القوى”؟ فالقبان ينتمي إلى الماضي ولكنه في الآن ذاته، مثله مثل الميزان الالكتروني لا يعتمد على الكفتين.
في هذه الحالة، قد تكون فكرة بسيطة مثل “بيضة القبان” أفضل في التحليل من فكرة “كفتي الميزان”.