أحمد أبو خليل/ رئيس تحرير زمانكم
ُمنذ أن بدأتُ البحث في “مجتمع البسطات” في العاصمة عمان (قبل حوالي 17 عاماً) وذلك في سياق البحث الأعم فيما يعرف بـ”قطاع التوظيف الذاتي” أو “القطاع غير الرسمي“، سَجلت ملاحظة رئيسية تتعلق بمستوى المرونة العالي الذي يتمتع به العاملون في هذا القطاع.
مرونتهم تشمل كافة الظروف والمتغيرات المحيطة، وخاصة تجاه القرارت ذات الطابع الإداري أو العمراني أو الجغرافي..
هم عموماً، يعملون في ظروف من عدم الاستقرار بسبب عدم تشريع عملهم، اي عدم تسجيله وترخيصه رسمياً، لكن عدم التسجيل أو التخريص هذا هو شرط مسبق وضروري لعملهم، وإلا تحولوا إلى قطاع رسمي وانتفت خصوصيتهم! وتلك مفارقة لا تفهمها -عادة- الجهات المعنية بالتعامل معهم، في كل البلدان ومنها بلدنا، وهي الجهات التي تحرص على التسجيل والتوثيق والترخيص.
لهذا فهم (أي العاملون في هذا القطاع ومنهم العاملون على البسطات) دوماً مستعدون في النهاية للاستجابة وبمرونة، ولكن على طريقتهم.. وتعالوا -مثلاً- نتتبع ما جرى مؤخراً بعد إلغاء سوق العبدلي، وقرار افتتاح سوق شعبي في منطقة المهاجرين ونقل البسطات إليه، وهو القرار الذي رفضوه لأنه يلغي خبرة حوالي 30 عاماً من العمل في “سوق العبدلي” فضلا عن حجم السوق الجديد الصغير مقارنة بالعبدلي.
مع ذلك، فبعد أن أصبح قرار النقل نهائياً وحازماً، سارعوا إلى الاستجابة له ولكنهم -فوراً- طوعوه لمتطلباتهم بالحد المستطاع.
مع ملاحظة أن فريقاً من أصحاب البسطات في العبدلي لم يجد له مكاناً في السوق الجديد ومن المرجح انه بحث عن مكان آخر. ولكن كلامنا هنا يقتصر على المسجيبين لقرار النقل.
هنا أرجو من القارئ أن يتابع ما نكتب بالصور، فقد التقطت صوراً لمراحل ثلاث: أولها قبل بدء التشغيل للسوق أي عند تجهيزه، والثانية بعد الأسبوع الأول من التشغيل والثالثة مؤخراً بعد عدة أسابيع من العمل.
لقد أعاد العاملون في السوق تصميم المساحة المعدة لهم وفق أسلوبهم وبما يتناسب مع ظروف عملهم. لقد أعادوا توزيع الطاولات والمظلات التي وضعتها أمانة عمان الكبرى، ثم امتدوا لمئات من الأمتار المربعة المحيطة خارج المساحة المقررة، واعادوا توزيع التخصصات في البسطات وفق تجربتهم الطويلة.
لاحظوا المراحل الثلاث، ولكل مرحلة ثلاث لقطات أخذت من موقع واحد لتسهيل ملاحظة الفرق.