ليس فقط، أن “زمان أوّل لم يحوّل بعد”، وليس فقط أن “اللّي فات لم يمت”، ولكنهما أيضاً لا يزالا كثيفَيْ الحضور في يومنا بكل تفاصيله.
هذا الأمر ينطبق على شتى مستويات حياتنا، أفراداً وجماعات؛ في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة.
للتقاليد والخبرات المتراكمة في مختلف الشؤون، أهمية كبرى؛ لاحظوا مثلاً حرصَ المؤسسات على عراقتها، وحرص الأشخاص على أنهم ليسوا طارئين أو مستجدين أو مُحْدَثين، كل في مجاله. راقبوا عبارات مثل: “أوّل مَن دخل السوق”، “خمسون عاماً من الخبرة”، “فلان من عائلة سياسية عريقة”… وغيرها.
كم سيسر أحدنا، لو كان قريباً لأول طبيب، أو حفيداً لأول مالك سيارة. أو زبوناً عند أول خياط… رحم الله صديقاً لي ظل يتحدث عن أن والده كان أول مَن أدخل الدراجة الهوائية الى مدينة معان.
وفق هذا المعنى الشامل للماضي، فإن موقع “زمانكم” يختص بالماضي..
نحن نؤمن أن بلدنا الأردن –كباقي البلدان- عمل جماعي؛ صنعه مزارعون وحرفيون وعمال وجنود، قادة ومقودون، حكام ومحكومون، معارضون وموالون، سياسيون واقتصاديون، آباء وأمهات… والقائمة تطول قبل أن تغطي جميع البُناة.
سوف نحاول في هذا الموقع أن نغطي البدايات في شتى الشؤون. ونحن بهذا المعنى لسنا مؤرخين، ولكننا أقرب إلى الموثقين والمسجلين. وهي مهمة طويلة وتُبنى مع الوقت. وسوف نتوقف عند مطلع عقد الثمانينات. فهذا العقد من سيرة بلدنا كان فاصلاً في ميادين شتى.
نعدكم بالانصاف بين مكونات الماضي الذي سوف نغطيه. ونعدكم بالتعامل بأقصى درجات الاحترام مع تفاصيل هذا الماضي، فنحن من دعاة التفكير وإعادة التفكير، ولكننا بالأصل دعاة تصالح مع هذا الماضي.
الموقع سوف يسعى لتقديم مادة لها محتوى مفيد ورصين، مع أقصى قدر من الاستمتاع.
لقد علمتني الأنثروبولوجيا (علم الإنسان)، وهي العلم الذي أنتمي إليه، أهميةَ “التنبيش” في التفاصيل، مع عدم إغفال الصورة الكلية، وهذه دعوة لتصفحه و”التنبيش” فيه، بل والمساهمة فيه.
أحمد أبوخليل