زمانكم-
يعد البنك الأهلي الأردني أول مؤسسة مصرفية أنشئت في الأردن. وبالطبع كانت هناك بنوك عاملة في الأردن قبل الأهلي، ولكنها لم تقم أصلاً كمؤسسات أردنية.
سبق أن نشرنا في هذا الموقع “زمانكم”، بعض التفاصيل عن فكرة تأسيس البنك الأهلي وتطورها وعن المؤسسين (انظر الرابط: https://www.zamancom.com/?p=5878
هنا نعرض الظروف السياسية التي رافقت الأشهر الأولى منذ الإعلان عن التأسيس في أيلول 1955 وصولاً إلى بدء العمل في أول فرع في عمان في 14 نيسان 1956. إذ من اللافت أن القرار اتخذ في ظروف تدفع نحو التردد عن مثل هذه “المغامرة”، ولهذا فهي مناسبة للتعرف على نمط آخر من سلوك رأس المال الوطني في ظروف الأزمات السياسية.
ابتداء من النصف الثاني من عام 1955 كانت الضغوط البريطانية من أجل انضمام الأردن إلى حلف بغداد في أوجها، وحصلت الزيارة الشهيرة لرئيس هيئة الأركان البريطانية (تمبلر) والتي اجتمع فيها مع الوزراء والنواب بهدف الضغط، ويوم مغادرته اضطرت الحكومة للاستقالة، وقبل ذلك حصلت زيارة رئيس الوزراء التركي جلال بايار بهدف الترويج للحلف، وقد رافقتها مظاهرات احتجاجية صاخبة.
تشكلت في 19/ 12/ 55 حكومة هزاع المجالي. وفي اليوم ذاته أعلن أول اضراب عام في الأردن، شمل وفق أخبار الصحف، كل المدن في الضفتين، واستمر الاضراب 5 ايام، ولم يتوقف إلا باستقالة الحكومة التي كانت أقصر الحكومات عمراً.
بعد الاستقالة صدر قرار حل مجلس النواب، لكن البلد دخلت فوراً في أزمة دستورية بسبب الاعتراض على دستورية الحل، رغم أنه كان قد وقع من الملك المرحوم حسين. وظل الأمر قيد البحث لأسابيع.
(في هذه الأثناء كان البنك قد أعلن عن بدءالاكتتاب ابتداء من 1/ 10/ 1955 يواصل إعلانه عن الاكتتاب، واستمر الإعلان حتى (نهاية 1955).
(لوحظ أن البنك في آخر إعلان منشور عام 1955 وفي أيام الأزمة أضاف إلى إعلانه في الصحف الفقرة التالية:
“والشركة إذ تأمل أن يكون هذا المشروع وسيلة سليمة لتوظيف الرأسمال الأهلي، ترجو أن:
- تنشئ مؤسسة تقوم على أساس الاقتصاد في النفقات والسرعة في الإنجاز ما أمكن إلى ذلك سبيلا.
- تؤمن خدمات عملائها بأقل ما يمكن من النفقات والأجور.
- تعمل ما في وسعها لضمان سلامة أموال عملائها وأموال المساهمين في رأسمالها.)
استمرت الأزمة السياسية الداخلية طيلة الأشهر الأولى من سنة 1956
في 2 آذار من العام ذاته 1956، يعلن الملك حسين طرد كلوب وتعريب الجيش، وهو حدث قوبل بالاحتفال والترحيب، لكنه من الناحية المالية شكل ازمة كبرى في العلاقة مع بريطانيا. فقد طرحت فوراً مسألة إلغاء المعونة البرطانية (10 ملايين جنيه كانت تشكل نسبة عالية من الموازنة)، وبدأ النقاش حول استبدالها بمعونة عربية أخذت زمناً من المباحثات.
في 8 نيسان وبالتزامن مع التحضير لافتتاح الفرع الأول، شهد الأردن أطول اضراب معلمين (حوالي أسبوعين) شكل حدثاً مسيطراً على الأجواء (وفق الأرشيف).
بالتزامن، كانت ظروف المنطقة ككل تشهد صعوبات وتوترات، وكانت عناوين الصحف تتحدث عن احتمال تدخل قوات أجنبية في المنطقة، ونوقش الأمر في مجلس الأمن..
كانت هناك اعتداءات اسرائيلية على الجبهات المختلفة ومنها الأردنية، (تعديات على القرى الأمامية)، حيث كانت اسرائيل قد طرحت مشروع “تحويل مجرى نهر الأردن” لأول مرة وقد شكل ذلك محوراً للقاءات دولية وعربية.
في 15 نيسان، أي في اليوم ذاته الذي نشرت فيه الصحف خبر بدء العمل في الفرع الأول للبنك، كان العنوان الرئيسي للصحف يتحدث عن “موقف خطير قد يستلزم التدخل العسكري”.
ترون في الصور الثلاث المنشورة أعلاه وأدناه، الصفحات الأولى من يومية “الدفاع” التي كان البنك ينشر إعلاناته فيها، ويمكنكم ملاحظة العناوين الرئيسية التي تعطي فكرة عن الأجواء السياسية آنذاك.