زمانكم-
اللواء حكمت مهيار من أبرز قادة اجهزة الأمن الأردنية منذ ثلاثينات القرن العشرين، وهو أول مدير مباحث عامة، وشغل منصب مدير الأمن العام، وتنقل في خدمته بين أغلب مدن الضفتين.
أثناء حرب 1948 في فلسطين، كلف بالالتحاق بالجيش في منطقة الخليل.
كان شاهد عيان على حادثة أسر حوالي 300 مقاتل يهودي واقتيادهم إلى معسكر “أم الجمال” في المفرق، وقد كان حكمت مهيار مرافقاً لمسيرهم من القدس إلى أم الجمال.
فيما يلي شهادته على مسير هؤلاء الأسرى، وقد وثقها عنه السيد عمر العرموطي في كتاب: “عمان أيام زمان” الصادر عام 2010:
“بعد تطويق 3 مستعمرات يهودية هي (ريفورديم، الحبيلة، وبيت سكارية)، وصلتني من الصليب الأحمر في القدس برقية تتضمن ان اليهود في المستعمرات الثلاث قرروا الاستسلام على أن يعاملوا معاملة أسرى حرب، فأبرقت إلى قيادة اللواء الرابع حيث كنا مرتبطين بهم، فجاء الجواب بالموافقة، وفي اليوم التالي استسلم 300 من المحاربين اليهود منهم 80 فتاة، وتقرر نقلهم إلى معسكر ام الجمال شرق المفرق.
وأثناء نقل الأسرى من الخليل إلى أم الجمال، تقابلنا مع قوة من الجيش العراقي في وادي شعيب قرب السلط، وهناك اعترض قائد القوة العراقية على جلب الأسرى، إلا ان الشيخ الجعبري خطب في الحضور وقال إن الإسلام لا يسمح بقتل الأسرى، وهناك اعداد كبيرة من إخواننا في فلسطين المحتلة سوف يقوم اليهود بقتلهم، وقال الشيخ الجعبري بأن اخاه وأقرباءه معتقلون في يافا عند اليهود وسوف يقتلونهم إذا تم قتل الأسرى اليهود. فاعتذر القائد العراقي.
ولما وصلت القافلة إلى عين البنات المعروفة بعين حزير بين السلط ووادي شعيب، جاءتني رسالة من ضابط شرطة السلط الملازم عبدالقادر القطب يقول فيها: “لا تدخلوا مع الأسرى إلى السلط، لأنهم سوف يقتلون من قبل أهالي السلط”، فأوقفت القافلة وذهبت مع الشيخ الجعبري وعدد من المسلحين الفلسطينيين إلى مدينة السلط، وبالفعل وجدنا أعدادا كبيرة في موقع البياضة مدخل مدينة السلط، وأغلبهم مسلحون، فوقف الشيخ الجعبري على كرسي شرطة السير، وألقى خطاباً بالمجتمعين الذين حيوه أحسن تحية، وقال لهم: “وصلتنا رسالة بأنه سيقع اعتداء على الأسرى اليهود”، وكرر ما قاله للقائد العراقي، وقال لهم أيضاً: إذا سمحتم بدخولهم بوجه جلالة الملك وشيوخ كافة عشائر السلط سندخلهم”. وبعد أن اجتمع زعماء السلط في مقهى المغربي، عادوا وقالوا: “نسمح بدخول الأسرى بوجه سيد البلاد وشيوخ كافة عشائر السلط” وقد تم ذلك.
وفي صويلح في ضواحي عمان، جاءنا وفد من عمان، اذكر منهم رياض الجقة، وعبدالرحمن أبو الراغب ومحمد أبو سير، وقالوا كما قيل عند أهل السلط، حيث سيقع على اليهود التعدي في شوراع عمان، فاتفقنا معهم بأن ندخل الأسرى عن طريق وادي الحدادة، طريق القصور الملكية رغم أنها كانت في حالة سيئة، ثم تابعنا السير إلى أم الجمال، وبين المفرق والزرقاء كان الموكب الملكي وبه جلالة الملك الشهيد عبد الله الأول، ينتظر مجيئنا، فنزلت برفقة الشيخ الجعبري، وبعد تقبيل أيدي جلالة الملك، شكرني وشكر الجيش والشيخ الجعبري على إيصال الأسرى بسلام، وعاد جلالة الملك إلى عمان، لأنه كان قائدا عاما للجيوش العربية في فلسطين، وبعد تسليم الأسرى عدنا ثانية إلى الخليل”.