زمانكم-
خلال السنوات الأولى من عمر الدولة الأردنية (ما بعد تأسيس الإمارة)، درجت الحكومات أحياناً على تكليف الأهالي بالإنفاق المباشر على مشاريع البنية التحتية.
نتناول هنا واحدة من الحالات الخاصة كمثال على نمط الإدارة ذاك في تلك الفترة، فقد تعاقدت الحكومة مع متعهد لحفر بئر ارتوازي في إربد لتوفير ماء الشرب للأهالي، وهذا المتعهد هو خبير أجنبي كان مشرفا على الأمر ذاته في سورية وفلسطين اسمه (البير جيرود)، ولكن بشرط أن يكون الحفر على نفقة الأهالي الذين وافقوا ولكن على أن تسلفهم الحكومة المبلغ (وهو 500 جنيه) وأن يعيدوه على موسم البيادر(أي موسم الحصاد لأنهم بالإجمال كانوا فلاحين).
أجرى المتعهد حفرياته ووصل إلى عمق 175 مترا من دون ان يعثر على المياه. فرفض الأهالي دفع المبلغ.
قامت الحكومة في تشرين ثاني 1926 بسن قانون خاص اسمه “قانون تحصيل مبلغ الخمسماية جنيه الذي تعهد أهالي اربد بدفعه في موسم البيادر“، وقد نقلنا (في الأسفل) صورة عنه كما نشر رسميا في مطلع عام 1927.
تتحدث ديباجة القانون عن حيثيات إصداره: فقد بنيت الاتفاقية مع المتعهد على أن يدفع الأهالي المبلغ في “موسم البيادر”، وأن الحكومة دفعت المبلغ كسلفة مؤجلة السداد من قبل المواطنين، ولكنهم لم يلتزموا فتقرر إصدار هذا القانون الملزم بالدفع.
ووفق ما جاء في كتاب “اربد المدينة.. تاريخ وحضارة ة آثار” للدكتور محمد الصويركي الصادر عام 2004، فإن الأهالي لم يدفعوا لأن المتعهد فشل في استخراج المياه، وبالنتيجة وبعد صدور القانون خفضت الحكومة مبلغ 100 جنيه من قيمة السلفة، ودفع الأهالي المبلغ المتبقي وهو 400 جنيه من دون الحصول على مياه.