زمانكم-
خصص الملك المرحوم حسين 15 صفحة من سيرته الذاتية المؤلفة من 227 صفحة لحادثة طرد الجنرال كلوب من قيادة الجيش وقرار تعريبه، وقد حملت السيرة عنوان: “ليس سهلاً أن تكون ملكاً“.
جاء الفصل الخاص بالحادثة تحت عنوان “إقصاء كلوب باشا واحد من أهم أيام حياتي“.
نورد فيما يلي مختصرا لما أورده الملك:
يتحدث الملك في هذا الفصل عن المأزق الذي شكله استمرار سيطرة ضباط بريطانيين على قيادة الجيش، وعن انعدام فرص الترقية أمام “الضباط ذوي الطموحات الوطنية الذين كانوا يأملون في قيام جيش عربي أردني”.
ثم يروي تفاصيل محادثاته في الفترة التي سبقت القرار مع السلطات البريطانية التي وافقت على تقديم خطة تعريب تعطي “في الوقت المناسب” المزيد من الفرص للضباط الأردنيين. لكن الملك يتحدث عن صدمته عندما أبلغ أن جملة “الوقت المناسب” تعني 30 سنة! وتنتهي عام 1985.
يتحدث الملك عن حالة الجيش وامتناع الانجليز عن تسليحه ومده بالذخائر، ورغم أن الملك يورد أن كلوب لم يكن هو صاحب القرار، إلا ان الأمور كانت تتفاقم.
في تلك الأيام، يقدم كلوب قائمة بأسماء ضباط للتسريح من الخدمة، يرفض الملك غاضباً القرار الذي رأى فيه الملك عقوبة لهم، وحدث أن الملك كان قد طلب فصل قوات الأمن عن الجيش، أي عن إمرة كلوب، فيأتيه الجواب أن هذا غير ممكن.
يقول الملك: “حدث ان كان رئيس الديوان بهجت التلهوني موجودا في المكتب. وبقيت هادئا للحظة، ثم في سورة غضب، قذفت بالأوراق التي كنت أعمل بها في كافة أرجاء الغرفة، وشددت قامتي وخرجت. مسكين التلهوني! الذي تركته حائرا يتساءل عما فعله ليزعجني إلى هذا الحد. في تلك الليلة اتخذت قرارا بتسريح كلوب باشا على الفور“.
يواصل الملك: في العاشرة صباحا من من يوم الخميس، الأول من آذار، قدت سيارتي ومعي رئيس الديوان في شوارع عمان متجها إلى مكتب رئيس الوزراء…. في طريقنا أخبرت التلهوني، اول مرة بما أنوي فعله. وأذكر اني أضفت قائلا: “هذا أحد أكثر الأيام أهمية في حياتي لا أعرف كيف سينتهي، لكن المرء لا يعيش إلا مرة واحدة وبطريقة مشرفة“.
“وصلنا إلى مكتب رئيس الوزراء.. وعرفت أن هذا أمر يتوجب علي أن أتولاه بنفسي. كان رئيس وزرائي رجل طيب وصديق وفي… لكني لا أستطيع إضاعة الوقت في المجادلات”.. “كتبت الأوامر اللازمة.. وقلت لرئيس الوزراء “تلك رغباتي وأريد أن تنفذها على الفور“. “ذهل رئيس الوزراء بعض الشيء، لكنه أدرك أن الأمور وصلت حدا لا يمكن التراجع عنه. وبعد ذلك قلت لأعضاء مجلس الوزراء: “أنا موقن بأن ما أفعله لخير البلد. وأريد منكم ان تكونوا على حذر خلال الأيام القليلة القادمة”.
يقول الملك إن كلوب أُبلِغ أن عليه المغادرة خلال ساعتين، ولما قال ان ذلك غير ممكن، سُمح له حتى صباح اليوم التالي. وهنا يقول الملك: كنت أعرف تمام المعرفة الضغوط التي كنت سأتعرض لها.. لو أنني سمحت لكلوب باشا بالبقاء أسبوعاً آخر في البلاد. كنت لا أزال شابا صغيرا في الحادية والعشرين من عمري، ولم يكن يسيرا أن أضع ثقلي في مواجهة بريطانيا كلها، وشعرت أني سأكون في موقع أقوى.. إذا كان كلوب خارج البلاد“.
ثم يورد الملك تفاصيل ليلة عاصفة من الضغوط عبر السفير الذي حمل برقيات من رئيس الوزراء البريطاني أنتوني ايدن، وعن لقاءات حتى الفجر مع السفير الذي حمل رسالة من لندن وقال: “إن حكومة جلالتها تشعر بأنك ما لم تعدل عن قرارك على الفور في هذه المسألة، وما لم يسمح لكلوب بمواصلة عمله هنا وإعطائنا فرصة لجلاء الأمر كله، فإن العواقب قد تكون خطيرة للغاية سواء بالنسبة لك او للملكة.. ثم تردد قليلا وأضاف “وما يتعلق بسمتقبل الأردن ككل“.
يرد الملك بوضوح: “انا أعرف بلدي وأعرف مسؤولياتي وسوف أواصل عمل ما اعتقد انه صواب”.. “إن ما فعلته هو لمصلحة بلدي ولن أعدل عن قراري مهما كانت النتائج”.
ملاحظة: باقي التفاصيل سنوردها كما وردت في رواية كلوب نفسه في كتابه “جندي بين العرب”.