زمانكم-
تحمل سيرة ظاهرة الاعتقال السياسي في الأردن مفارقات عديدة متكررة في مواقع وحالات مختلفة.
فقد جرت العادة حتى مطلع الخمسينات أن يُنفى المعارضون إلى مناطق بعيدة حيث توجد نقاط أو مخافر. وكان عدد المعتلقين قليلاً، وكان قادة المخافر يتصرفون باستقلالية.
حكاية اليوم يرويها الدكتور نبيه رشيدات في مذكراته (أوراق ليست شخصية): ففي عام 1949 يتقدم مجموعة من الشباب الأردنيين من الخريجين الجدد بعريضة إلى مجلس الأمة يحتجون فيها على الأداء الحكومي، ويعددون أخطاء الحكومة الكبرى في السياسة الداخلية والخارجية. واشتهرت تلك العريضة لأن موقعيها استطاعوا تمريرها وقراءتها في جلسة مجلس النواب، مما جعلها توثق ضمن السجلات.
الموقعون على الوثيقة هم: المحامي ضيف الله الحمود، والمحامي محمد عبدالرحمن خليفة، والدكتور نبيه ارشيدات، والمحامي محمود المطلق، والمحامي حمدي فريز، والمحامي عبدالكريم معاذ، والمحامي عطا الله المجالي، والمحامي راتب درووزة، والمحامي عبدالرزاق خليفة.
يغضب رئيس الحكومة آنذاك توفيق أبو الهدى، ويأمر بمعاقبة الموقعين، ويكون نصيب الدكتور نبيه وزميله المحامي ضيف الله الحمود، النفي إلى منطقة “باير” على الحدود مع السعودية. ويخصص جزء كبير من جلسة مجلس الأمة لمناقشة الأمر، ويدافع عن الشباب عدد من النواب أبرزهم شفيق رشيدات وعبدالحليم النمر الحمود وعاكف الفايز.
يقول الدكتور نبيه إن قائد المخفر واسمه جزاع من بني صخر، تعامل معهم بشكل طيب، إلى درجة انه كان يصطحبهم في جولات صحراوية لتعلم القنص والتصويب بالبندقية كما علمهم ركوب الجمال.
بعد أن انتهت فترة النفي، عاد المنفيون إلى عمان، وطلبوا لمقابلة الملك عبدالله الذي أنبهم، وقال لهم فيما قاله: هذه المرة استخدمت الحكومة القوانين ونفتكم، وإذا حدث مثل هذا الأمر مرة أخرى “فسأضرب الواحد منكم على زَرَد ظهره وأخلّيه يوقع أمامي”.
(زرد الظهر يقصد به العمود الفقري)