زمانكم-
في نهاية خمسينات القرن الماضي وبداية ستيناته، اندفع المئات من شباب وفتيان مدينة الرمثا إلى المانيا الغربية التي كانت آنذاك تنهض من دمار الحرب العالمية الثانية مستقطبة ملايين العمال من أنحاء مختلفة من العالم للإسهام في إعادة الإعمار.
ولما رأى الرماثنة شقراوات المانيا، وفي سعي منهم نحو خلق الألفة بين القيم الجمالية على ضفتي البحر المتوسط، بادروا إلى تعريف أول دفعة منهن على الكُحل العربي.
حصل الابتهاج المتكافئ عند الطرفين، فقد فرح الرماثنة وهم يرون أثر الكحل على العيون الزرقاء والوجوه الشقراء، وبالمقابل رأت الألمانيات صنفاً جديداً من الزينة القادمة من الشرق.
سرعان ما انتشر الأمر، وتحول الى تجارة “كحل” بين الرمثا والمانيا.
هذا على صعيد التأثير الرمثاوي باتجاه المانيا، أما من الجهة الأخرى، أي من المانيا باتجاه الرمثا، فقد جلب الرماثنة صنفاً فاخراً من البشاكير الألمانية غالية الثمن، سرعان ما أصبحت أغطية للرأس عند نساء الرمثا، وقد كان ذلك تحولاً كبيراً في مؤشرات “الفخفخة” المحلية، وصارت النسوة يتبادلن أخبار البشاكير الألمانية، وأصبح البشكير الألماني هدية شهيرة، وفي كثير من الحالات، حل البشكير الألماني محل غطاء الرأس التقليدي، سيما وأن سعره يفوق بأضعاف سعر ذاك الغطاء.
بالنتيجة لم يشعر الرماثنة بالغربة، كما لم تشعر بها العشرات من الألمانيات اللواتي تزوجن من رماثنة وعشن في الرمثا في ستينات القرن الماضي، فقد كان غزل الحضارات متكافئاً على طرفي المتوسط.