زمانكم-
أحمد أبو خليل/ رئيس تحرير موقع “زمانكم”.
تلقيت بصفتي رئيس تحرير موقع “زمانكم” (وعبر شركة وسيطة محلية) عرضا للتعامل مع أحد برامج وكالة المعونة الأمريكية. ويتضمن العرض استعمالا لجزء من محتوى موقع زمانكم.
ليس من عادتي أن أعمل “شوشرة” حول مثل هذه المواضيع، فالموقف في مثل هذه الحالات (بتقديري) يشبه الإيمان الذي يجري “بين العبد وربه”، وهو هنا يجري بين العبد وضميره ووطنه وكرامته وأخلاقه… ثم إني درجت على اعتماد مبدأ “التمس لأخيك عذرا”، لكي لا أجرح الذين يقبلون التعامل مع هذه المؤسسة وشقيقاتها، فالناس يضعفون أمام المال، حاجة إليه أو رغبة بالمزيد منه، ويبحثون وقد يجدون لأنفسهم مخرجاً أخلاقيا من نوع ما، على سبيل التمويه على أنفسهم وأبنائهم وزوجاتهم وأهلهم. وهذا شأنهم.
غير أني شعرت هذه المرة بالإهانة، وأردت توجيه بعض الكلمات لقراء وأصدقاء “زمانكم” الأعزاء.
فالموقع يتعامل بالماضي الأردني، ماضي المجتمع والدولة والناس الأردنيين، أي انه يتعامل مع أمانة تركها الآباء والأمهات بين أيدينا نرتكز إليها في مواصلة حياتنا وتقديم وتعريف أنفسنا في هذا العالم، ونستند إليها في تربية أبنائنا وبناتنا.
وبالمناسبة، فإن ما ترغب الوكالة الأمريكية في “الشراكة” معنا فيه يتصل تحديدا بنصوص تراثية مصدرها سيدات في الرمثا والسلط والكرك وعمان وغيرها، بينهن أمي وأم صديقي الشهيد ناهض حتر. ومنذ أن تلقيت الاتصال وأنا أشعر أن هناك من يتجرأ على طلب إهانة أمي وأم ناهض (أطال الله عمريهما) وباقي أمهات الأردنيين وإهانة الرمثا والسلط والكرك وعمان ووطننا الأردن كله.
قال لي المتصل باسم الطرف الآخر، إذا كان موقفك يتعلق بالظروف الحالية، فقد نستأنف بعد فترة، أي بعد ان تهدأ النفوس بسبب القرار الأمريكي بخصوص القدس! شعرت بالمزيد من الإهانة، غير أن الطريقة “اللطيفة” للمتحدث منعتني من توبيخه، وقلت في داخلي “التمس لأخيك جهلاً”.
لقد قادت هذه الوكالة وأشباهها خلال أكثر من نصف قرن معركة أمريكية مع شعوب العالم أشد من المعارك العسكرية، ففي الحروب يتواجه خصمان، وحتى من يقتل أو يصاب فإنه يحافظ على كرامته، بينما تجبرك أمريكا من خلال ما تقدمه من “معونات” على تقبيل يد العسكري الذي يقتلك ويقتل شقيقك في العراق وسورية واليمن وفلسطين.
من المحزن أنه يوجد بيننا عاملون في الشأن الثقافي ينظمون جلب هذه المعونات والأموال، وبعد أن يضعوا قسما منها في جيوبهم، يقومون بتنفيذ تطبيقات “أهلية وشعبية” على الإهانة.
موقع “زمانكم” يرى أن التعامل مع الحكومة الأمريكية في شأن يتعلق بالتراث والماضي الأردني، يصب مباشرة في خدمة قرار ترامب ضد القدس وفلسطين.