زمانكم-
يحمل الأرشيف الكثير من الغرائب تبدو اليوم مثيرة للضحك رغم مأساوية محتواها.
من ذلك الفترة التي تلت إعلان انتهاء الوحدة بين مصر وسورية في عام 1961، عندما انقسم الرأي العام بين مؤيد للرواية المصرية ومؤيد للرواية السورية.
مجلة “الحوادث” التي كان يرأس تحريرها الصحفي سليم اللوزي ويدير تحريرها شفيق الحوت ويشاركهما د. انيس الصايغ، تبنت بحماس الرواية المصرية الناصرية.
مارست المجلة أسلوبا إعلاميا يبدو اليوم غريباً. فقد كان طيف الخصوم للرئيس عبدالناصر يشمل إضافة إلى القيادة السورية كلا من القيادة الأردنية (الملك حسين) والقيادة السعودية (الملك سعود) والقيادة العراقية (عبدالكريم قاسم) إضافة إلى خلافه مع السوفيات والشيوعية عالمياً، ومع الحزب القومي الاجتماعي السوري الذي كان يتمتع بحضور كبير.
قدمت المجلة هؤلاء الخصوم كحلف واحد ينسقون معاً.
ومن أغرب ما نشرته المجلة على مدى عدة شهور، أن هناك مؤامرة بين قادة هذا الحلف بهدف ضم سورية إلى الأردن! بالاتفاق مع القيادة السورية! وعن استعدادات أردنية للهجوم لاحتلال دمشق، ونشرت أخبار عن جيش أردني دخل درعا، وان ذلك يتم بالتنسيق بين الملك حسين والرئيس العراقي عبدالكريم قاسم! (ولمن لا يعرف فعبدالكريم قاسم هو من قام بالانقلاب على الهاشميين في العراق وقتل الأسرة الهاشمية هناك، وهو محسوب على الشيوعيين).
كما نشرت تقارير عن مؤامرة بين وصفي التل والحزب القومي الاجتماعي السوري، للغاية ذاتها، وتحليلات عن ان التل هو العنصر الرئيسي في إفشال الوحدة بين مصر وسورية.
ملاحظة: نود لفت الانتباه إلى أن الصحفيين المذكورين كانوا شبابا ضمن الموجة الناصرية الأولى، وقد اغتيل أكبرهم عمراً اللبناني سليم اللوزي عام 1980، بينما أصبح شفيق الحوت من قيادات منظمة التحرير وبرز في سنواته الأخيرة كاسم عقلاني وخالف نهج التسوية، أما أنيس الصايغ فقد اشتهر كباحث ومؤرخ وترأس مؤسسة الدراسات الفلسطينية في فترة نضوجها. وقد توفيا في العام 2009. غير انهم بكل الأحوال أسهموا في تقديم صورة ظالمة عن الأردن شعبا وحكما وجيشا وتاريخاً، وقدموا ذلك بطريقة قائمة في أغلبها على التلفيق الفج.
تاليا تقرأون نماذج لتلك العناوين كما نشرت